الأحد، 7 يونيو 2009

مطرب تونسي بمزاج لاتيني

عينان حالمتان.. ووجه بسيط الملامح، مع ابتسامة واثقة يعلوها شارب رفيع متأنق، كأنه مطرب كاريبي يؤدي فقرة في فيلم هوليودي من ثلاثينيات القرن الماضي، حلته الأنيقة قد تخدعنا فنظنه أحد أبناء الطبقة الراقية الذين انحرفوا عن الصراط المستقيم، لكن واقع الأمر أن ملامحه تتماشي أيضا مع ملامح أبناء شوارع بغداد القديمة، أو حي باب الشعرية القاهري، أو منطقة الحجامين بالمدينة العتيقة في تونس حيث ولد ... مطرب تونس الأشهر الهادي الجويني 1909ـ1990
**
حين تستمع إليه في أغنية سمرا يا سمرا.. تتذكر لا إراديا أغنية كارم محمود سمرا، كلاهما لديه القدرة على اختطافك بنعومة والتحليق بك فوق بساط الموسيقى، لدى الجويني القدرة على إنتاج ألحان صالحة لمن أتي بعده، و... من كان قبله، فألحانه لا تختلف كثيرا عن ألحان الأندلسيين القدامى، أو ما كان يغنيه العرب في حانات بغداد والقاهرة، كذلك فألحانه لن تقاوم إعادة غنائها من جديد، مثلما حدث مع تحت الياسمينة التي أعاد تقديمها محمد منير
أحد المتحمسين قدم الهادي الجويني كواحد من أحفاد الأندلسيين الضائعين في حوض البحر المتوسط، و تكلف حتى حوّل الجويني إلى مغني فلامنكو، بل واستخدم نظرية تجعل من كلمة فلامنكو تحريفا لتعبير عربي هو .. فلا حرمنا منكم، في حين أن البعض يجد لها تصريفات أخرى
**
هذه المبالغات التي ذكرها البعض في وصف الجويني تعكس قدرته على تقديم ألحان ذات طابع تعددي لا تقتصر على موسيقى بلده تونس... بعض ألحانه غلبت عليها الروح المتوسطية ـ اللاتينية أحيانا ـ وكأنه يقدم لحنا يصلح للغناء في غرناطة، أو أثينا، أو القاهرة، ... بل وحتى في اسطنبول!!ـ، تجلى هذا في عمله الشهير لاموني اللي غاروا مني.. لحن عالمي وكلمات شديدة الحساسية
على أي حال فالجويني الذي أجاد مبكرا كتابة النوتة الموسيقية لم يتخل عن الروح التراثية التي تعلم أصولها مع زملائه في تونس
الطابع العام لأعمال الجويني يدفعنا إلى أن نضمه دون خشية أو خوف إلى باقة فنانين من نوعية محمد فوزي، كارم محمود، محمود الشريف، منير مراد.. من بكوات موسيقى القرن الماضي
**
الابتسامة الرائقة التي تمسك بها الهادي الجويني أثناء غنائه تلخص نظريته في الغناء والطرب، حين يستحضر أمجاد الأندلسيين وروقان بالهم، ويعبر بها عن ذهن صاف لا تعكره متاعب الحياة