السبت، 17 أكتوبر 2009

صلاح الشرنوبي .. ع البال

من الشخصيات التي سقطت في الطريق ولم يهتم أحد بمعرفة مصيرها، الملحن صلاح الشرنوبي، مهندس الميكانيكا الذي اختار التلحين.. مما لا شك فيه ـ تعبير قاطع ـ أن أول انطباع قد يتولد لديك عند متابعة الشرنوبي وهو يتحدث في شاشة التلفزيون انه سكران، أو صاحب كيف.. ليس هذا هو سبب اختفاؤه، ففي الوقت الذي أعلن فيه أخاه فاروق الشرنوبي أنه معترض على ما يحدث في الساحة الغنائية، و أنه ـ فاروق ـ شبه معتزل، كان صلاح أكثر مرونة ومتواجدا في السوق بقوة، لكن في زمن عمرو مصطفى الذي ورث شيئا من اسلوب الشرنوبي ـ عدا استخدام المقامات الشرقية الأصيلة ـ كان على الأخير أن ينسحب
**
في السنوات الأخيرة أصبح أكثر التصاقا بالمغنين العرب، ولا مانع من أن تراه ضمن لجنة تحكيم في برنامج مسابقات، كانت بداية مشواره منذ سنوات طويلة لكن نقطة الانطلاق حسب ما قالت السيدة وردة الجزائرية كانت بعد تعامله معها، وحمل هو هذا الجميل وأنتج مسلسلها لعبة الأيام وظهر فيه في لقطات قصيرة
**
تعامله مع وردة أبرز ميلا إلى استخدام المقامات الموسيقية غير المألوفة، حيث قدم دون خشية مقامات مثل النكريز والحجاز كار، ولم يكن ينافسه في هذا إلا الراحل رياض الهمشري، وكلاهما كان ينهل من مدرسة محمد الموجي الذي كان على نفس هذا الخط
جاء تعامل الشرنوبي مع وردة في زمن انتشار الراي في الوطن العربي، وهو ما استفز لديه النزعة المغاربية التي جعلته مقربا من التونسية ذكري ووردة الجزائرية وسميرة سعيد مغربية الأصل.. وغيرهن
**
الأخ الأكبر فاروق الشرنوبي كان طموحه واضحا، خاصة في الفترة الأخيرة التي ركز فيها على المسرح الحكومي وبعض التواجد المتواضع في المسلسلات، بدأ فاروق وكأنه يعد نفسه بألحان (ملائمة)ـ كي ينضم إلى قافلة الشيوخ إمام وسيد درويش وغيرهم، وكانت إرهاصات ذلك حين بدأ مسيرته مع مطربي الثمانينات أمثال علي الحجار وإيمان البحر وغيرهم
أما صلاح الشرنوبي فكان أكثر عملية، لكنه ظل تسعينيا.. ضمن مجموعة تضم رياض الهمشري وحسن دنيا وحسن ابو السعود من الذين أرسوا القواعد التي بنى عليها ملحنون اليوم أعمالهم، لكن الجيل الجديد أصبح أكثر عددا وحضورا، ومع ذلك فيمكن أن تراه حاضرا حتى آخر لحظة مع ميادة الحناوي العائدة في بداية هذا العام، أو خالد سليم وبعض المطربين العرب، لكنه لم يعد الأول على الساحة
مشكلة الشرنوبي أن ما كان جديدا في التسعينات، لم يعد كذلك الآن، وأن مزاجه الرائق لم يعد مطلوبا سوى من باب التنويع.. لعله أدرك ذلك فاقتحم مجال الانتاج كي يظل متواجدا.. ساعد كثيرين مثل فضل شاكر، لكنه ظل متواريا
**
كانت قمة نضج صلاح الشرنوبي في الفترة التي عاد فيها جورج وسوف مع أغنية كلام الناس عام 94، وآخر نقاط ازدهاره في رأيي في أوبريت الحلم العربي الذي شارك في تلحينه مع حلمي بكر
**
أغنية عالبال التي لحنها صلاح الشرنوبي لسميرة سعيد في العام 98 من مقام النهاوند هي إحدى أروع الأغاني التي غنتها سميرة سعيد
لم تجذبني في التوزيع الأصلي، لكني فتنت بها مؤخرا بعد إعادة توزيعها في برنامج تاراتاتا مع المغنية الشابة جنات، وأرى أن جنات كانت أروع من سميرة سعيد، بعد مشاهدة الكليب أصبحت من محبي جنات التي لم تصل بعد لقدرة سميرة في اختيار ألحانها
لاحظ في الدقيقة 6:50 كيف تنقل عازف الناي بين العرُب دون أن يشعر به أحد


فيما يبدو أن العام 2009 لم يكن عاما سعيدا على الشرنوبي .. فقد تصاعدت حدة قضايا الشيكات التي كان عليه سدادها، ولم يتقدم إلى انتخابات جمعية المؤلفين والملحنين، وكانت الخاتمة أن صدر ضده قرارا بالحبس مدة عامين، وأصبح هذا هو آخر أهم الأخبار التي تناولتها الصحف عن الملحن الموهوب، أعترف أنني أردت قبل كتابة هذا البوست أن أتصل بمنزله لمجرد إلقاء التحية من معجب مجهول.. مجرد فضول، ربما لأني لم أكن أعرف إن كان فعلا في السجن أم انتهت مشكلته أم ...ماذا
الآن بعد كتابة هذا البوست استمع إلى أغنية على البال مرة أخرى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عائلة الشرنوبي في حاجة إلى مزيد من الكتابة، خاصة بعدما فوجئت بهذا الموقع العجيب

ليست هناك تعليقات: